‏إظهار الرسائل ذات التسميات آدب المسجد. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات آدب المسجد. إظهار كافة الرسائل

الخميس، 8 أغسطس 2013

من آداب المسجد: المشي إليه بسكينة ووقار


ومن آداب حضور المساجد -أيضاً-: أن يمشي إليها بسكينة ووقار؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة وعليكم السكينة والوقار، ولا تسرعوا، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا) رواه البخاري و مسلم . وفي رواية: (إذا ثوب للصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون، ولكن أُتوها وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا، فإن أحدكم إذا كان يعمد إلى الصلاة؛ فهو في صلاة)، وفي رواية: (ولكن يمشي وعليه السكنية والوقار) فهذا يبين الأدب في حضور المساجد..
فما تعريف السكينة وما تعريف الوقار؟ أما السكينة فهي التأني في الحركات واجتناب العبث؛ فإذا كان الماشي إلى المسجد يتقفز في مشيته أو يعبث بأي شيء من العبث..
يفرقع الأصابع..
يعمل حركات بيديه أو رجليه؛ فإن هذا لا يعتبر أنه جاء إلى المسجد وعليه السكينة. وأما الوقار فقد عرفوه بأنه: غض البصر، وخفض الصوت، وعدم الالتفات، وإذا جاء إلى المسجد بهذه الصفات يكون قد حصل ثلاثة أمور: أولاً: الراحة والطمأنينة؛ لأنه إذا أسرع ودخل الصلاة على هذه الحال من السرعة؛ فإنه يدخل في الصلاة فلا يحصل له تمام الخشوع، بخلاف ما لو إذا دخل الصلاة وهو ساكن مرتاح، فإنه يكون إلى الخضوع والخشوع أقرب. ثانياً: أنه يكون قد امتثل قوله صلى الله عليه وسلم: (فإن أحدكم إذا كان يعمد إلى الصلاة فهو في صلاة).
أي: في حكم المصلي، فينبغي عليه اعتماد ما ينبغي للمصلي اعتماده، واجتناب ما ينبغي للمصلي اجتنابه. ثالثاً: يحصل له كثرة الخطا التي يفوت منها شيء من السرعة، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (إن لكم بكل خطوة درجة) رواه مسلم، وفي رواية: (إذا توضأ أحدكم فأحسن الوضوء، ثم خرج إلى الصلاة لم يرفع قدمه اليمنى إلا كتب الله عز وجل له حسنه، ولم يضع قدمه اليسرى إلا حطَّ الله عز وجل عنه سيئة، فليقرب أحدكم أو ليبعد).
فعلى المصلي أن يخرج بسكينة ووقار ويجتنب العبث، ولا يتكلم بالكلام القبيح، وهذه السكينة والوقار مأمور بها عموماً، وكذلك منهي عن الإسراع عموماً، لا فرق بين أن يخاف فوات تكبيرة الإحرام، أو يخاف فوات الركعة، أو يخاف فوات الصلاة بالكلية. إذاً: لا يسرع ولا يهرول ولا يعدو؛ سواء خاف فوات تكبيرة الإحرام، أو خاف فوات الركعة، أو خاف فوات الصلاة بالكلية؛ لأنه وهو يمشي إلى الصلاة فهو في صلاة، فلا يليق به أن يهرول وهو في صلاة، والأصل أن هذا الحكم يعم صلاة الجمعة وغير الجمعة، ولكن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله اجتهد في أن من خشي أن تفوته الركعة الأخيرة من الجمعة إذا لم يسرع، فلا بأس أن يسرع حتى لا تفوته الركعة الأخيرة من الجمعة؛ لأنه إذا فاتته، فاتته الجمعة وصلَّى ظهراً وليس له جمعة، وهذا اجتهاده رحمه الله في هذه المسألة. وأما بقية الحالات فلا يجوز الإسراع، وأكثر الداخلين إلى المساجد يُخلِّون بهذا الأدب، فيسرعون ويشوشون على أنفسهم بالعجلة وعدم التأني، ويشوشون -أيضاً- على إخوانهم المسلمين والمصلين، بأصوات الأحذية، وحركات الأرجل، وعلى الإمام بالنحنحة وغير ذلك، وربما اجتهد أحدهم، فقال: إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ [البقرة:153] وجهر بها..
ونحو ذلك، أو قعقع بمفاتيحه، وكل هذا مخالف لآداب الصلاة وحضور المساجد. إن قال قائل: ما معنى قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ [الجمعة:9]؟ فقد تقدم الكلام بأنه لا يكون معناه الإسراع والعدو مطلقاً، وإنما المعنى: سرعة المبادرة والاجتهاد في الحضور، على أن النبي عليه الصلاة والسلام ربما أسرع لصلاة الكسوف بالذات، قام مسرعاً إليها فزعاً أن تكون الساعة قد قامت.

الأربعاء، 7 أغسطس 2013

من آداب المسجد: تسوية الصفوف


ومن آداب حضور المسجد: الصلاة فيه وتسوية الصفوف إذا أقيمت الصلاة، والاعتناء بذلك عناية بالغة، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (سووا صفوفكم، فإن تسوية الصف من تمام الصلاة)، وفي رواية: (من إقامة الصلاة)، وفي رواية: (استووا ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم). وقوله: (لتسون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم) إذاً قول الإمام: سووا صفوفكم أو استووا سنة، ولو لم يكن له حاجة فلا داعي أن يتكلم، لو نظر إليهم فرآهم مستوين، فلا حاجة إلى التنبيه، لكن إذا رأى تقدماً وتأخراً وخلخلة وفراغات في الصف، ينادي بالاستواء: استووا! سووا صفوفكم! فإن تسوية الصفوف من تمام الصلاة. وذهب بعض أهل العلم إلى أن هذا أمر للوجوب، أمر ثم تهديد..
(أو ليخالفن الله بين قلوبكم) وفي تسويتها ثواب عظيم، لقوله عليه الصلاة والسلام: (ومن وصل صفاً وصله الله، ومن قطع صفاً قطعه الله) ففيه ثواب لمن طبقه، ووعيد لمن خالف: (ومن سدَّ فرجة رفعه الله بها درجة وبني له بيتاً في الجنة) رواه الطبراني في الأوسط، وصححه الألباني في صحيح الترغيب. ثم بالإضافة إلى الأجر هذا لمن وصل صفاً وسدَّ فرجة، قد قال عليه الصلاة والسلام: (إن الله وملائكته يصلون على الذين يصلون الصفوف) أخره الإمام أحمد، وإسناده صحيح. وهذه الخطوة التي يمشيها لسد فرجة من أعظم الخطوات أجراً عند رب العالمين، كما قال عليه الصلاة والسلام: (وما من خطوة أعظم أجراً من خطوة مشاها رجل إلى فرجة في الصف فسدها) رواه الطبراني والبزار بإسناد حسن، وهو في صحيح الترغيب ، فهذه الأحاديث تبين فضيلة تسوية الصفوف وسد الفرج. وكذلك جاء في الحديث مدح من يأخذ بيد صاحبه إذا أمره بالاستواء، أو أراد الدخول لسد فرجة. وأما تسوية الصفوف، فقد جاء فيها أحاديث (أقيموا صفوفكم) قال أنس: (وكان أحدنا يلزق منكبه بمنكب صاحبه، وقدمه بقدمه، ولو ذهبت تفعل ذلك اليوم لترى أحدهم كأنه بغل شموس) رواه البخاري . فلو جئت الآن تأخذ بيد رجل لتسوية الصف وسد الفرجة، لنفر منك كأنه بغل شموس متمرد.
ما هي كيفية تسوية الصفوف؟ وما معنى حديث النعمان بن بشير (فرأيت الرجل يلصق بمنكبه بمنكب صاحبه، وركبته بركبة صاحبه، وكعبه بكعبه). إن النصوص تدل على أن تسوية الصفوف تتحقق بما يلي: أولاً: إتمام الصف الأول فالأول. ثانياً: سد الفرج بالتراص. ثالثاً: استقامة الصف وتعديله بمحاذاة ما بين الأعناق والمناكب، والركب والأكعب، ولا حظ معي محاذاة المناكب بالمناكب، والأعناق بالأعناق، والركب بالركب، والصدور بالصدور، بحيث لا يتقدم عنق على عنق، ولا منكب على منكب، ولا صدر على صدر. رابعاً: ألا يوسع المصلي بين قدميه أكثر من عرض المنكبين؛ لأن ذلك ينافي التسوية، ويمنع التصاق المنكب بالمنكب، فليس من تسوية الصفوف ما يفعله بعض الشباب من فك أرجلهم زيادة على عرض المنكبين، لأجل أن يلصق رجله برجل جاره، فيطارده يميناً أو شمالاً؛ لأجل أن يلزق قدمه بقدمه.
إذاً: التسوية أن تفتح قدميك على عرض منكبيك، وتأخذ بيد من بجانبك بلطف ليلتصق بك من المنكب، فهذه هي التسوية، ولا يتقدم ولا يتأخر، فإذا التزق المنكب بالمنكب وما تقدم ولا تأخر، وفتح كل رجل رجليه بعرض منكبيه، واستقام الصف، أمَّا أنه يباعد بين قدميه لكي يلصق من هنا وهنا لم يسو الصف التسوية المطلوبة شرعاً، ثم بعض الناس يعملون خططاً حربية، ويضم رجليه ضماً مبالغاً فيه، حتى يأتي الرجل ذاك والذي بعده والذي بعده فإذا جاءوا فتحها، وقال: أين المصف؟ فهذه الأشياء لا شك أنها تنفر بعض الناس وخصوصاً بعض كبار السن، وبعض الذين لا يعرفون أهمية السنة في هذا، فينبغي الحكمة في تطبيق السنة، وكل ما علينا أن نفعله أن عرض المنكبين هو فتحة ما بين القدمين، ونلصق المنكب بالمنكب، ولا يشترط أن يلزق القدم بالقدم؛ لأن فيه اشتغالاً وإشغالاً، خصوصاً إذا قام في الركعة الثانية والثالثة، ليس من السنة أنه كل ما قام من الركعة أن يلزق القدم بالقدم، لأن هذا فيه اشغال واشتغال، وتنفير من الناس الذين لا يريدون هذا الإلصاق، ومن الأدلة على أن هذا ليس بمراد: أن الصحابي قال: ( فرأيت الرجل يلزق منكبه بمكب صاحبه، وركبته بركبته، وكعبه بكعبه ) وابن حجر يقول في الفتح : المسألة تحتاج إلى شرح وفهم لكلام العلماء، أي: المقصود المبالغة في تعديل الصف وسد الخلل، بدليل أن إلزاق الركبة بالركبة حال القيام متعذر، وهذا الإلزاق في استمرار الصلاة ليس من السنة، وفيه إشغال، وأحياناً يقتطع من مكانه ذلك بغير حق، ثم هذه المباعدة ربما أدت إلى مخالفة لسنة أخرى وهي توجيه أصابع القدمين إلى القبلة، فالسنة أن يتوجه المصلي بكليته إلى القبلة، ومن ذلك رءوس القدمين والأصابع؛ لأنه إذا أراد الإلزاق فوَّت ذلك أحياناً.

من آداب المسجد: أن يكون طيب الرائحة


وكذلك مما يتعلق بآداب حضور المساجد أن يكون الإنسان طيب الرائحة، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام: (من أكل من هذه الشجرة، فلا يقربن مصلانا ولا يغشانا في مساجدنا)، وفي رواية: (من أكل البصل والثوم والكراث فلا يقربن مسجدنا؛ فإن الملائكة تتأذى مما تتأذى منه بنو آدم).
وهذه النصوص الصريحة تدل على أن الرائحة الطيبة لا بد منها لمن أراد حضور المسجد بالمفهوم، وتدل بمنطوقها على أن من أكل ثوماً أو بصلاً أو كراثاً؛ فهو مأمور باعتزال مساجد المسلمين وجماعتهم، ومأمور بالجلوس في منزله، وهو قد فوَّت على نفسه بأكل الثوم والبصل فضيلة وأجر الجماعة، وإباحة أكل هذه الأشياء لا يدل على عدم وجوب حضور الجماعة، لكن يدل على عدم جواز إتيان الجماعة لمن أكلها. وأيضاً يقال: من أكل الثوم والبصل قاصداً التحيل على إسقاط الجماعة أو عدم حضور الجماعة، فيكون آثماً بهذه الحالة، ولكن لو اشتهته نفسه، فأكل دون قصد التحيل على عدم حضور المسجد فلا بأس بذلك، لكن يكون قد حرم نفسه من أجر صلاة الجماعة، وهذا النهي ليس خاصاً بالجزء الداخل من المسجد، بل إن رحبة المسجد وساحة المسجد يشملها هذا الحكم أيضاً، لأنها من المسجد، فلا يدخل فيها وقد أكل ثوماً أو بصلاً أو كراثاً. وقد جاء عن عمر رضي الله عنه أنه قال: [أيها الناس! إنكم تأكلون من شجرتين ما أراهما إلا خبيثتين: هذا البصل والثوم، ولقد رأيت نبي الله صلى الله عليه وسلم إذا وجد ريحهما من الرجل في المسجد أمر به فأخرج إلى البقيع] ليس إلى رحبة المسجد ولا إلى الساحة، ولا إلى الباب، لكن إلى البقيع، فمن أكلهما فليمتهما طبخاً، وإذا كان هذا في البصل والثوم والكراث وهي في الأصل مباحة فكيف بشرب الدخان! لا شك أن ذلك يكون حراماً، وإثمه في إيذاء عباد الله من الملائكة والمصلين معلوم وواضح، وكيف يؤذي إخوانه في مساجدهم، وبرائحة هذا المشروب الخبيث!

من آداب المسجد: الخروج على أحسن هيئة

الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين...
وبعد: ففي هذه الحلقة من سلسلة الآداب الشرعية المجموعة الثانية، سنتحدث إن شاء الله تعالى عن آداب حضور المساجد. لما كانت الصلاة جماعة في بيتٍ من بيوت الله عز وجل من واجبات الدين، وسنن الهدى، كان لا بد للمسلم أن يعرف كيف يأتي المسجد ويتأدب مع بيوت الله عز وجل..
هذه المساجد التي أذن الله سبحانه وتعالى أن ترفع ويذكر فيها اسمه، لكي يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ
 *رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ [النور:36-37]. والأدب الأول من آداب حضور المساجد: هو الخروج على أحسن هيئة، ومن هنا وجبت طهارة البدن والثوب، وكانت الطهارة من الأحداث والأنجاس شرطاً لصحة الصلاة، وكثير من المصلين لا يهتم أو يلقي بالاً لحضور المساجد بالهيئة الحسنة، وأخذ الزينة الظاهرة، والرائحة الطيبة والسواك، والزينة الظاهرة يراد بها جمال الثياب، فينبغي للمصلي أن يلبس عند مناجاة ربه أحسن ثيابه في صلواته من غير تفريق بين صلاة ليلية أو نهارية، صلاة فجر أو غيرها؛ لقوله تعالى: يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ  [الأعراف:31]. وأهل العلم يستحبون للرجل أن يتجمل في صلاته ما استطاع من ثيابه وطيبه وسواكه، كما قال ابن عبد البر رحمه الله تعالى: وأما الذين يأتون إلى المسجد في هيئة رثة، ورائحة كريهة، وثياب المهنة، ورداء العمل، وملابس النوم؛ فلا شك أن هؤلاء لم يكلفوا أنفسهم الاعتناء بأخذ الأدب اللازم في بيوت الله تعالى، وهم قد خالفوا قول الله: يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ  [الأعراف:31]. فيتأذى المصلون بالرائحة، وتزكم الأنوف بالنتن والعرق، ولو أن الإنسان أراد مقابلة شخص له جاه دنيوي لم يأتِ بهذه الملابس، بل إنه يرتدي أحسن ثيابه، ويتطيب بأحسن ما يجد، فكيف يهتم للوقوف أمام المخلوق، ولا يهتم بالوقوف أمام الخالق، ثم إن لقاء المصلين، واجتماع إخوانه لا بد أن يكون فيه ما يفتح نفوسهم للقيا أخيهم، فإذا جاء بلباس غير حسن، فكيف تكون الألفة والإقبال؟ ثم أيضاً هناك نفر من عباد الله وهم الملائكة يتأذون مما يتأذى منه بنو آدم، وبعض الناس لا يكلفون أنفسهم تبديل ثياب النوم عند المجيء إلى صلاة الفجر، ولا يحملون عناء تبديلها، وربما أحياناً يخافون على الثياب أن تتأثر طياتها، ويتبدل صقلها؛ فيتركونها للعمل، وأما بيوت الله فلا يحدث لها ما يجب من الزينة.
ومن الزينة ستر العاتق، ومعلوم أن ستر العاتقين ليسا من ستر العورة، وأن العورة ليس منها العاتق، وقد قال عليه الصلاة والسلام (لا يصلين أحدكم في الثوب الواحد وليس على عاتقه شيء)، وفي رواية: (على عاتقيه) وإذا ثبت أن العاتقين ليس من العورة، فمعنى ذلك أن الأمر بسترهما ليس من شروط الصلاة، ولكن من أدب الصلاة، والمذهب عند أصحاب الإمام أحمد رحمه الله تعالى أن كشف المنكبين يبطل الصلاة، وذهب الجمهور إلى الاستحباب، ومن الخطأ ما يفعله بعض المصلين عندما يصلي بهذه القمصان (الشيالة) التي لا يستر الكتفين منها إلا شيء يسير، فهذا لا يعتبر مطبقاً لحديث النبي صلى الله عليه وسلم في ستر العاتقين.
وأما بالنسبة لستر الرأس؛ فإن الله عز وجل أحق أن يتزين له، كما جاء في الحديث: (الله أحق أن يتزين له) فإذا كان الإنسان في بلد يتزين أهله بتغطية رءوسهم كهذا البلد؛ فإنه يتأكد في حقه تغطية الرأس، لأن عرف الناس في البلد تغطية رءوسهم، ليس هذا واجباً ولا يأثم بكشف الرأس، لكن يجري على فهم أهل بلده أنه من الزينة، وما تعارفوا عليه في هذا القضية؛ لأن قوله: خُذُوا زِينَتَكُمْ  [الأعراف:31] يشمل -أيضاً- الزينة العرفية التي تعارف عليها الناس، ولكن لو كنت في بلد لا يهتمون بتغطية رءوسهم أو جلهم لا يغطون رءوسهم، فعند ذلك لا يمكن تحديد حكم شرعي في تغطية الرأس في هذه الحالة في هذا البلد الذي لم يتعارفوا فيه على تغطية رءوسهم، لكن عادة المسلمين من القديم تغطية الرأس، وكانوا يضعون العمائم. وكذلك من الأدب أن الإنسان لا يُغطي فاه في الصلاة، كما جاء أن النبي صلى الله عليه وسلم: (نهى أن يغطي الرجال فاه في الصلاة) وليس من الزينة تغطية الفم والتلثم، وتخصيص الفم بالنهي عن تغطيته، ولعل من أسباب ذلك: ألا تختنق الحروف في أثناء القراءة في الصلاة، بالإضافة إلى أن ذلك ليس من الزينة، فمن الخطأ أن يحضر الإنسان عند أناس ويغطي فمه في اجتماع حافل، لأنه ليس من الزينة.

 
Design by Free WordPress Themes | Bloggerized by Lasantha - Premium Blogger Themes | Best Buy Coupons تعريب : ق,ب,م