صحيحٌ أن خطاب أوباما, الذي أعقب تفجيرات بوسطن, مطالبا فيه الجميع بضرورة التروي في الحكم وعدم التسرع في توجيه أصابع الاتهام للمسلمين وإصدار الأحكام، ساهم بنسبة كبيرة في تحويل النظر عن المسلمين, أو على الأقل امتص غضب الشارع وجعل نظر المحللين للحادث وتداعياته يتشتت بعيدا عن الديانة.
"نرجو ألا يكون مسلما"... كان هذا لسان حال المسلمين في الولايات المتحدة عقب سماعهم بتفجيرات بوسطن, والتي أعادت إلى الأذهان أحداث 11 سبتمبر قبل أكثر من عقد, وتذكير بما تجرعه المسلمين بعدها من التضييق والملاحقة وأحيانا الاعتقال بدون أي اتهامات.
لذا فقد أصدر المسلمون في بوسطن بيانا يكشفون فيه عن خوفهم من التعرض لأي عمليات انتقامية, خاصة بعدما استغل بعض السياسيون اليمينيون الأمريكيون الحادث للنيل من المسلمين, حيث قال إريك راش السياسي الأمريكي والمساهم بقناة فوكس نيوز الأمريكية "إن المسلمين أشرار وملعونون ويجب قتلهم جميعا".
بينما رد عليه نهاد عوض, المدير التنفيذي لمجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية كير, "إن المسلمين الأمريكيين مثل جميع الأمريكيين من جميع الخلفيات, يدينون العبارات الهجوم الجبان ضد المشاركين والمتفرجين علي ماراثون بوسطن, كما واجه راش انتقادات لاذعة من قبل المعلقين علي تلك الاتهامات.
في هذا الصدد أشارت صحيفة "يديعوت أحرنوت" الإسرائيلية إلى ردة فعل المسلمين في أمريكا على هجوم بوسطن واصفة إياه بالخبرة والاستيعاب للمجتمع الأمريكي, حيث استطاع ستة ملايين مسلم, عانى كثيرا منهم منذ هجمات 11 سبتمبر الشهيرة من مضايقات وملاحقات أن يدشنوا دورات في فن المعاملات في وقت الأزمات وتخصيص فرق من القانونيين تتابع المسلمين حال تعرضهم لأي مشكلة أو ملاحقة قضائية وتوفير الدعم المالي والحماية الاجتماعية لأسرهم .
كما أبرزت أحرنوت ما قام به المسلمون من تفعيل للمراكز الإسلامية لتتواصل مع الإدارة الأمريكية مباشرة ليتصارح الجانبين حول القضايا الخلافية وإيجاد أرضية مشتركة حتى يوصف المسلمين بأنهم جزء من الشعب الأمريكي, ومنها التركيز على النماذج الناجحة في المسلمين بأمريكا وتسليط الضوء الإعلامي عليهم وكذلك المشاركة المجتمعية للمسلمين في أمريكا في الفعاليات والأحداث.
وبرغم أن الشرطة الأمريكية لم تتأكد حتى الآن من فرضية تورط جهات خارجية متطرفة في هجوم بوسطن مع الأخوين تامرلان وجوهر تسارنييف, إلا أن بعض وسائل الإعلام الأمريكية والغربية تسعى ربط منفذي تفجيري ماراثون بوسطن بدوائر إسلامية, وهذا ما نفاه المسلمون جملة وتفصيلا.
في هذا السياق, أكد عدد من الجالية المسلمة في بوسطن أن تامرلان تسارنييف, الذي لقي مصرعه أول أمس لم يكن متدينا ولا يرتاد الجامع إلا قليلا, حيث قال أحد مسئولي مسجد بوسطن إنه لم يأت لأداء صلاة الجمعة سوى مرات قليلة", بينما قال أحد أصدقائه إنه كان يحب التدخين ومرافقة الفتيات وشرب الكحول والسهر, فهو لم يكن إسلاميا متدينا على الإطلاق".
بينما رصدت صحيفة "الجارديان" البريطانية أوضاع مسلمي الولايات المتحدة الأمريكية بعد هجوم بوسطن، مشيرة إلى أن المسلمين يحبسون أنفاسهم مع ملاحقة المحققين لمنفذ التفجيرين، مشيرة إلى تنامي مخاوف المنظمات الأمريكية الإسلامية من زيادة العنصرية ضدهم لو ثبت صلة أحد الإسلاميين بالهجوم, برغم تأكيد وزيرة الأمن الداخلي "إنه لا يوجد دليل على أن الهجمات كانت جزءا من مخطط أكبر".
بينما علق أحد زعما الجالية الإسلامية في نيويورك على الأحداث قائلا "إن الأمريكيين تكيفوا مع ادعاء أن أي عمل إرهابي على الأراضي الأمريكية لابد أن يكون مرتكبوه مسلمون" مضيفا أن القلق الذي يشعر به المسلمون، في أمريكا يتركز حول الخوف من رد فعل عنيف محتمل، هو أمر ليس بجديد, ومن المنتظر معرفة ما الذي سيحدث الآن، فهناك الكثير من المسلمين الذين يحبسون أنفاسهم".
قد تبدو ردود الأفعال الرسمية من إدارة البيت الأبيض فيما يتعلق بتفجيرات بوسطن متزنة وبعيدة للغاية عن التسرع وتوجيه الاتهامات بدون أدلة, كما يواجه ذلك استيعابا واستجابة ايجابية من الجالية المسلمة أسرعت في التنديد بالحادث وإخلاء ذمتها من منفذيه, لكن الترقب والحذر يحيط بهم ولا سيما في ظل الهجوم الإعلام الشرس الذي يصر على إلصاق التهمة بالمسلمين, ويحرضون على العنف ضدهم.
0 التعليقات:
إرسال تعليق