الثلاثاء، 9 أبريل 2013

للقاسية قلوبهم من ذكر الله

" الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله واله واصحبه اجمعين "
قال الله تعالى
" فَوَيلٌ لِّلْقَاسِيةِ قُلُوبُهم مِّن ذِكْرِ اللَّه "




قال الإمام العلامة الحافظ 


زين الدين بن الشيخ أبو العباس أحمد بن رجب الحنبلي – رحمه الله – :



رسالة في ذم قسوة القلب ، وذكرِ أسبابها ، وما تَؤول به .



اولا : ذم قسوة القلب 


قال تعالى : 


{ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً} 


ثم بين وجه كونها أشد قسوة بقوله تعالى :


{ وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يتَفَجَّرُ مِنْه الأَنْهارُ وَإِنَّ مِنْها لَمَا یَشَّقَّقُ فَیَخْرُجُ مِنْها الْمَاء


وَإِنَّ مِنْها لَمَا يهبِطُ مِنْ خَشْيةِ اللّه}
البقرة : ٧٤

وقال تعالى : 


{أَلَمْ يأْنِ لِلَّذينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهمْ لِذِكْرِ اللَّه وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا تكُونُوا 


كَالَّذينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيهمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُ وبُهمْ}
 الحديد : ١٦ ،

وقال تعالى :


{فَوَيلٌ لِّلْقَاسِيةِ قُلُوبُهم مِّن ذِكْرِ اللَّه أُوْلَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِینٍ}
 الزمر : ٢٢ ،


فوصف أهل الكتاب بالقسوة ، ونهانا عن التشبه بهم .


قال بعض السلف : لا يكون أشد قسوة من صاحب الكتاب إذا قسا .




ومن حديث ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :


(( لا تُكثروا الكلام بغير ذكر الله ، فإن كثرة الكلام بغير ذكر الله قسوةٌ للقلب ، 


وإن أبعد الناس من الله القلب القاسي )). رواه الترمذى



وذكره ابن الجوزي في الموضوعات من طريق أبي داوود النخعي الكذَّاب ، 


عن إسحاق بن عبدالله بن أبي طلحة ، عن أنس وقال مالك بن دينار : 


ما ضرب عبد بعقوبة أعظم من قسوة القلب . ذكره عبدالله بن أحمد في الزهد .


وقال حذيفة المرعشي : ما أُصيب أحد بمصيبة أعظم من قساوة قلبه . رواه أبو نعيم .




ثانيأ :اسباب القسوة 




وهى كثيرة منها ..



1- كثرة الكلام بغير ذكر الله : 



ومن حديث ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : 


(( لا تُكثروا الكلام بغير ذكر الله ، فإن كثرة الكلام بغيرذكر الله قسوةٌ للقلب ، وإن أبعد الناس من الله القلب القاسي )). رواه الترمذى


2- نقض العهد مع الله تعالى 


قال تعالى : { فَبِمَا نَقْضِهم ميثَاقَهمْ لَعنَّاهمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهمْ قَاسِيةً} المائدة : ١٣



قال ابن عقيل يوماً في وعظه : يا من يجد من قلبه قسوة ! احذر أن تكون نقضت عهداً !


فإن الله يقول : { فَبِمَا نَقْضِهم مّيثَاقَهمْ ..} الآية .




3- كثرةُ الضحك :



ففي الترمذي عن الحسن ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :


(( لا تُكثروا الضحك ، فإن كثرة الضحك تُميت القلب )) ، صحيح ابن ماجه -




4- كثرةُ الأكل ، ولا سيما إن كان من الشُّبهات أو الحرام :



وقال الفضيل بن عياض : خصلتان يقسيان القلب : كثرة الكلام وكثرة الأكل .


وذكر الم روذي في كتاب الورع قال : قلتُ لأبي عبدالله – عن أحمد بن حنبل – :



يجد الرجل من قلبه رّقة وهو شبع ؟ قال : ما أرى .



5- كثرة الذنوب : 



قال تعالى : { كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهم مَّا كَانُوا يكْسِبُونَ } المطففين : ١٤



فعن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : 


(( إن المؤمن إذا أذنب كانت نكتة سوداء في قلبه ، فإن تاب ونزع واستغفر صقل قلبه


، وإن زاد زادت حتى يعلو قلبه ، فذلك الران الذي ذكر الله في كتابه : 


{ كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِھِم مَّا كَانُوا یَكْسِبُونَ} )). قال الترمذي : صحيح .



قال بعض السلف : البدن إذا عري رقَّ ، وكذلك القلب إذا قّلت


خطاياه أسرعت دمعته .


وفي هذا المعنى يقول ابن المبارك – رحمه الله – :


رأيتُ الذنوب تُميت القلوب *** ويورثك الذُلَّ إدمانها
وترك الذنوب حياة القلوب *** وخير لنفسك عصيانها





وأ ما مزيلاتُ القسوة فمتعددة أيضاً :




1- كثرةُ ذكر الله الذي يتواطأ عليه القلب واللسان 




قال المعلَّى بنزياد : إن رجلاً قال للحسن : يا أبا سعيد ، أشكو إليك قسوة قلبي ؟ 


قال : أدنه من الذكر .


وقال وهب بن الورد : نظرنا في هذا الحديث ، فلم نجد شيئاً أرق
لهذه القلوب ، ولا أشد استجلاباً للحق؛ من قراءة القرآن لمن تدبره . 



وقال يحيى بن معاذ : وإبراهيم الخواص : دواء القلب خمسة أشياء :


قراءة القرآن بالتفكر ، وخلاء البطن ، وقيام الليل ، والتضرع عند السحر ، ومجالسة الصالحين .


والأصل في إزالة قسوة القلب بالذكر؛


قوله تعالى :


{ الَّذينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهم بِذِكْرِ اللّه أَلاَ بِذِكْرِ اللّه تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ } الرعد : ٢٨
وقوله تعالى : 


{ اللَّه نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِیثِ كِتَاباً مُّتَشَابهاً مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْه جُلُودُ، الَّذينَ يخْشَوْنَ رَبَّهمْ ثُمَّ تَلينُ جُلُودُهمْ وَقُلُوبُهمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّه} الزمر : ٢٣


وقال تعالى : 


{أَلَمْ يأْنِ لِلَّذينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهمْ لِذِكْرِ اللَّه وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ} الحديد : ١٦



2-الإحسان إلى اليتامى والمساكين :



وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال:أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل يشكو قسوة قلبه ؟


فقال : (( أتحب أن يلين قلبُك ؟ ))


فقال له : نعم . 


فقال : (( ادن اليتيم منك وامسح رأسه ، وأطعمه من طعامك ، فإن ذلك يلين قلبك ، 


وتقدر على حاجتك )). رواه الطبراني وقال الألباني حسن لغيره . انظر صحيح الترغيب والترهيب 2/676




3- كثرة ذكر الموت :



ذكر ابن أبي الدنيا بإسناده ، عن منصور بن عبدالرحمن ، عن صفية : 


أن امرأة أتت عائشة تشكو إليها القسوة ؟


فقالت : أكثري ذكر الموت؛ يرّق قلبك ، وتقدرين على حاجتك .


قالت : ففعلت ، فأنستْ من قلبها رشداً فجاءت تشكر لعائشة رضي الله عنها .


وكان غير واحد من السلف منهم : سعيد بن جبير ، وربيع بن أبيراشد ، 


يقولون : لو فارق ذكر الموت قلوبنا ساعة لفسدت قلوبنا .



وعن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( أكثروا ذكر هاذم الّلذات )) سنن الترمذى



4- زيارة القبور والتفكر في حال أهلها ومصيرهم :



وقد سبق قول أحمد للذي سأله ما يرقُّ قلبي ؟ قال : ادخل المقبرة ! .


وعن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : 


(( زوروا القبور فإنها تُذكِّر الموت )). رواه مسلم



وعن بريدة ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : 


(( كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ، فإنَّها تذكر الآخرة )) رواه أحمد ، والترمذي وصححه



وعن أنس ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :


(( كنت قد نهيتكم عن زيارة القبور ، ثم بدا لي أنَّه تُرقُّ القلب ، وتُدمع العين ،


وتُذكر الآخرة ، فزوروها ولا تقولوا هجرا )) رواه الإمام أحمد ، وابن أبي الدنيا .



5-النظر في ديار الهالكين ، والاعتبار بمنازل الغابرين:



وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :


(( زوروا القبور فإنها تذكر الموت " ومنها : النظر في ديار الهالكين والاعتبار بمنازل الغابرين)) رواه مسلم



روى ابن أبي الدنيا في كتاب التفكر والاعتبار بإسناده : عن عمربن سليم الباهلي ، 


عن أبي الوليد أنه قال : كان ابن عمر إذا أراد أن يتعاهد قلبه؛ يأتي الَخربة فيقف على 


بابها ، فينادي بصوت حزين فيقول :أين أهلك ؟ ثم يرجع إلى نفسه فيقول : كلُّ شيء هالك إلا وجهه !! .


وروى في كتاب القبور بإسناده : عن محمد بن قدامة قال : 


كان الربيع بن خَُثيم إذا وجد من قلبه قسوةً يأتي منزل صديق له قد مات في


الليل فينادي : يا فلان بن فلان ، يا فلان بن فلان . ثم يقول : ليت شعري !! 


ما فعلَت وما فُعل بك ؟ ثم يبكي حتى تسيل دموعه ، فُيعرف ذلك فيه إلى مثلها 




6- أكلُ الحلال :



عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :


"إن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين،


فقال: (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا) [المؤمنون: 51].



وقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ) [البقرة: 127].


ثم ذكر الرجل يطيل السفر، أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء: يا رب! يا رب! 


ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنَّى يستجاب لذلك؟"
[رواه مسلم].


وقال الإمام ابن كثير – رحمه الله – "والأكل من الحلال سبب لتقبل الدعاء والعبادة، كما أن الأكل من الحرام يمنع قبول الدعاء والعبادة".

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
Design by Free WordPress Themes | Bloggerized by Lasantha - Premium Blogger Themes | Best Buy Coupons تعريب : ق,ب,م